
يقلُب رئيس الجمهورية برهم صالح، الصورة، بشأن عملية تكليف “شخص جدلي”، هو عدنان الزرفي برئاسة الحكومة، فيسوّق عبر خطابه ونوافذه الإعلامية بانه لم يكن السبب، بل المخاصمات بين القوى الشيعية.
يبدو الخطاب على هذا النحو، منطقيا، وموضوعيا، لكنه ليس الحقيقة كاملة.
لقد كان بإمكان برهم التشاور مع القوى الشيعية المتصارعة، والاستماع الى اراءها على اختلافها، وصولا الى الحل، لكن على النقيض من ذلك، اعتكف على مشروعه والقوى التي تقف وراءه، وسابق الزمن لكي ينصّب الزرفي على غير العرف السياسي العراقي في الاستماع الى آراء الأطراف المعنية مباشرة بالاختيار، وهي المحاور الشيعية، وهو أمر دأب عليه رئيس الجمهورية السابق فؤاد معصوم، وقبله جلال الطالباني، اللذان شغلا منصبيهما بكل استحقاق، حريصيْن على عدم استثماره في مآربهما السياسية الخاصة، على اعتبار ان المنصب يمثل “رمزية أبوية”، لكل الأطراف السياسية.
وعلى رغم الاعتراف، بان القوى الشيعية مسؤولة عن الأزمة غير المسبوقة والتي تهدد نفوذها في العملية السياسية، بسبب خلافاتها وتآمرها على بعضها، فضلا عن الأنانية والمصالحية، الا ان ذلك لن يغطي على سلوك برهم صالح غير المسبوق، اذ لم يفعلها اي رئيس جمهورية قبله، في الاستهانة بالكتلة الأكبر، بل بالمكون الأكبر بأكمله.
ويمكن تصوّر الهوان الذي وصلت اليه القوى الشيعية على النحو التالي، والامثال تضرب ولا تقاس: ماذا لو اختلفت القوى الكردية على منصب مهم في الإقليم، هل يستطيع رئيس الوزراء الشيعي التدخل في تنصيب، من يشاء؟..
سؤال لن يكون ساذجا إذا ما اخِذ بنظر الاعتبار، الصلاحيات والظرف الزماني والمكاني.
كل هذا الاستنتاج، يرسّخه توضيح لرئيس مجلس القضاء الأعلى، الأربعاء، 18 آذار، 2020 اعتبر فيه تكليف عدنان الزرفي برئاسة الحكومة من قبل برهم، خرق للدستور، وان قرار المحكمة الاتحادية في هذا الشأن، باطل.
على هذا النحو فان رئيس جمهورية، يتجاوز على الدستور، ويضرب بالسلم الأهلي، عرض الحائط، لا مكان له في المنصب الذي يشغله.